حسب ما جاء في تقرير العلاقات العامة لمتحف السينما الإيرانية، عندما نسير في أزقة لالهزار، لا نرى اليوم سوى المصابيح والكهرباء، بينما كانت هذه المنطقة في الماضي ملتقى يوميًّا للفنانين. فإذا لم تتسنَّ رؤيتهم على خشبة المسرح، كان من الممكن على الأقل مشاهدتهم على شاشة السينما. كانت تلك الفترة بين عامي 1304 حتى 1336 هـ.ش، حين لم تكن سينما «فري» و«تمدن» قد تحولت إلى خراب، ولم يكن يتم فيها فرش السجاد أو بيع أجهزة التلفاز كما حدث لاحقًا في سينما «پلازا». كانت تلك دور سينما عريقة، بعضها اليوم مغلق منذ سنوات طويلة، وبعضها لم يبقَ منه سوى أطلال. فعلى سبيل المثال، إلى جانب سينمات «پارس»، «مركزي»، «حافظ»، «أوروبا» و«سعدي»، يجري تغيير استخدام سينما «عصر جديد»، بينما هُدمت سينما «نادر».
أول دار عرض سينمائي بُني في عام 1279 هـ.ش في عهد مظفر الدين شاه القاجاري. وبعد ذلك ظهرت دور سينما أخرى مثل «ليتوغراف» أو «قاعة ناصريه» وعدة صالات أخرى، لم يبقَ لها أثر اليوم. أما النقطة المفصلية فكانت عام 1304 هـ.ش، حيث يُعتبر ذلك بداية الاهتمام ببناء دور السينما في إيران. وأول دار عرض في ذلك العام افتُتحت في شارع لالهزار باسم «البرز»، ولم يتبقَّ منها اليوم سوى لافتة وقاعة مهدمة.
لماذا بُنيت أولى دور السينما في لالهزار؟
السبب كان بسيطًا ومقنعًا: ازدحام الناس في تلك المنطقة الشهيرة، ما جعلها مركزًا طبيعيًا للأنشطة الفنية والترفيهية. فبما أنّ أغلب سكان طهران كانوا يترددون على ذلك الحي، أُنشئت فيه قاعات للترفيه.
بين عامي 1304 و1335 هـ.ش، بُني 39 صالة سينمائية في طهران، ولم يواصل نشاطه سوى 5 منها: سينما «ديانا» (التي تُعرف الآن بـ «سپيده»)، سينما «رويال» (التي أصبح اسمها «فردوسي»)، «مولن روژ» (المعروفة حاليًا بـ «سروش»)، سينما «لاله» (التي تغيّر اسمها إلى «ميلاد») و«سيلوانا» (المعروفة الآن بـ «شكوفه»).
المنطقة 12 في العاصمة طهران: معقل السينما المهجورة
قبل الثورة، كانت معظم دور السينما والمسرح في طهران تقع في شارع لالهزار، وكان عددها نحو 15 دارًا. اليوم هُدمت تلك القاعات أو تحولت إلى أسواق ومراكز تجارية أو تُركت مهملة وسط محال بيع الأدوات الكهربائية. مع أنّ الحديث اليوم يتركز على قلة الاستثمارات في بناء دور جديدة، إلا أن الحقيقة أنّ هناك صالات قائمة لا تحتاج سوى لترميم محدود لإعادة تشغيلها. هذه الصالات التي كانت يومًا مقصداً لعشاق الفن السابع، تحولت اليوم إلى مخازن مهجورة.
أما دور السينما الحديثة مثل مجمعات «ملت»، «آزادي»، «زندگي»، «كوروش»، «چهارسو» وغيرها، فهي تمثل الثروة الحالية للسينما الإيرانية. لكن في المدن خارج طهران، الوضع أكثر سوءًا، حيث تكاد دور العرض تختفي تمامًا.
تحويل السينما إلى مخازن
أكبر عدد من دور السينما المتروكة يقع في المنطقة 12، حيث كانت روح الثقافة تسري منذ القدم. من أبرزها: «تاج» في شارع انقلاب، «ادئون» في شارع سعدي، «هماي» في شارع فردوسي، «ايفل» في شارع نادري، إضافة إلى «إيران»، «لاله»، «سحر»، «كريستال»، و«پارك». جميعها مغلقة منذ سنوات طويلة.والنتيجة الحتمية هي فقدان جزء من الهوية الثقافية والتاريخية للمنطقة، خصوصًا أنّ بعض المالكين يفضلون تغيير الاستخدام إلى مجمعات تجارية بسبب الخسائر المالية، في حين يطالب الأهالي بإعادة إحيائها.
تحويل دور السينما في المنطقة 11 في طهران إلى مجمعات
في المنطقة 11، هناك صالات مثل «شهر قشنگ»، «خيّام»، «لیدور»، «جمهوري»، «ري»، «أوروبا»، «فلور» و«پرسپوليس» (الذي كان من أكبر صالات طهران) مغلقة منذ أكثر من 20 عامًا. كثيرون يرون أن السبب يعود إلى تقادم مرافقها وعدم تحديثها تقنيًا، ما جعل الناس يعزفون عنها.
المنطقة 10 في طهران: تحويل السينما إلى مجمعات رياضية وثقافية
من أبرز الصالات التي أغلقت في هذه المنطقة سينما «تيسفون» في شارع قزوين. ورغم إنشاء مجمع «كارون» السينمائي، إلا أنه لم ينجح، ما دفع المالكين إلى التفكير بتغيير الاستخدام. لكن ذلك يحتاج لموافقة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
أمثلة على بعض دور السينما القديمة
• سينما آسيا (1337 هـ.ش): بناها «أمرلال هندوجا» و«نارانداس بگواندلاس» بسعة 962 مقعدًا، بتصميم من هوشنگ سيحون.
• سينما راديوسیتی (1337 هـ.ش): من أرقى دور العرض، افتُتحت في شارع وليعصر، صمّمها المعماري حيدر غيائي. أُغلقت بعد الثورة واحترقت جزئيًا، وتحولت لاحقًا إلى دار صيدلية ثم تركت مهجورة.
• سينما حافظ (1337 هـ.ش): افتُتحت في شارع جمهوري بسعة 440 مقعدًا، وتمت إعادة ترميمها في أواخر الثمانينيات.