مراجعة وتقييم صناعة السينما الهندية المعروفة باسم بوليوود

مراجعة وتقييم صناعة السينما الهندية المعروفة باسم بوليوود

تُعرف صناعة السينما الهندية باسم بوليوود، وهو اسم مشتق من دمج اسم مدينة بومباي (مومباي حالياً) — العاصمة التجارية للهند — مع هوليوود، مركز صناعة السينما الأمريكية.

وبحسب تقرير الموقع الإخباري لمتحف السينما الإيرانية، فإن معظم المخرجين والممثلين الهنود كانوا يقيمون في مدينة بومباي، ولذلك، وبإشراف المجلس المتخصص الذي ضم كلاً من وي شانترام، وبي. آر. تشوبرا، وديليب كومار، تم تأسيس “مدينة السينما بوليوود” تحت اسم شركة تنمية الأفلام والمسرح والثقافة في ولاية مهاراشترا في 26 سبتمبر عام 1956، وفقاً لقانون الشركات، وتم إنشاء الاستوديوهات من الرقم 1 إلى 7.

تبلغ مساحة هذه المدينة السينمائية نحو 520 هكتاراً، وتضم 20 استوديوً داخلياً مجهزاً، إضافة إلى 70 موقع تصوير خارجي يمثل مناظر متنوعة لتصوير الأفلام. ويُصوَّر في هذه المدينة يومياً ما بين 50 إلى 70 فيلماً ومسلسلاً في آنٍ واحد، ما يحقق عوائد مالية ضخمة ويساهم في تنظيم الإنتاج السينمائي ونشر الثقافة داخل المجتمع.

كما يقصد هذه المدينة يومياً نحو خمسة آلاف شخص للمشاركة في أعمال التصوير والإنتاج. ولا تقتصر أهمية بوليوود على تحقيق الأرباح، بل تلعب دوراً بارزاً في القضايا الثقافية والاجتماعية داخل الهند، وحتى في البلدان المجاورة.

بوليوود الهندية تمتلك نحو 6.3 مليون متابع، أي أن أكثر من نصف سكان العالم يُعتبرون من محبي السينما الهندية. وعشاق السينما الهندية لا يقتصرون على الهند فحسب، بل ينتشرون في مختلف أنحاء العالم، وهم على دراية جيدة بالأفلام والمخرجين ونجوم بوليوود.

وفي هذا السياق، كتب المؤرخ والناقد السينمائي ديفيد تومسون عام 2008 قائلاً إن السينما الهندية هي “الأكثر نشاطاً والأكبر في العالم”، لأن الشعب الهندي لا يزال بحاجة إلى تجربة جماعية للسينما، وهي تجربة لم يعد الغرب يعيشها. وأضاف أن السينما الغربية تتجه أكثر نحو إنتاج أفلام الخيال العلمي مثل حرب النجوم، بينما نجوم هوليوود لا يتمتعون بالمكانة المقدسة التي يحظى بها نجوم بوليوود.

فالكثير من الهنود يعشقون نجومهم المحليين، ويتحدثون في اللقاءات العائلية أو في أماكن العمل عن حياتهم وحتى عن أسلوب لباسهم. ومن بين هؤلاء النجوم، هناك ثلاثي يحظى بتقديس جماهيري كبير، وهم: شاروخان، عامر خان، وسلمان خان، الذين صعد نجمهم في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، وما زالت شعبيتهم متواصلة رغم مرور السنوات، بل وتزداد يوماً بعد يوم، بغضّ النظر عن نجاح أو فشل أفلامهم.

ومع ذلك، يجب التذكير بأن النجوم يتغيرون مع الزمن. ففي خمسينيات القرن الماضي، كانت أسماء مثل راج كابور وديو آناند ودليب كومار هي الأبرز.

وفي الستينيات برز راجي كابور وشاشي كابور ودهرمندرا، بينما هيمن أميتاب باتشان وحده على الساحة خلال السبعينيات.أما في الثمانينيات، فقد شهدت السينما الهندية تحولاً في جيل نجومها مع ظهور عامر خان في فيلم من القيامة إلى القيامة، ثم سلمان خان في عام 1989 بفيلم لقد أحببتُ، والذي واصل نجاحه حتى نال في عام 2016 لقب “ملك بوليوود” بعد بطولته لفيلم سلطان الذي حقق نجاحاً واسعاً.

غير أن المشكلة الأساسية التي تعاني منها صناعة السينما الهندية تكمن في ضعف التواصل الفعّال وغياب النصوص القوية والكتاب المهرة. فالجمهور بات يبحث عن أعمال غير متوقعة، ولم يعد يقبل بالأفلام النمطية ذات النهايات المعروفة مسبقاً.

كما أن القرارات الحكومية والعراقيل البيروقراطية تُثني المنتجين عن المخاطرة، وتجعلهم يميلون إلى الأعمال التجارية المضمونة، ما يقلل من جودة الإنتاج الفني. ومن الطبيعي أن نجد أن العديد من المستثمرين يفضلون تمويل الأفلام التقليدية التي يشارك فيها نجوم بوليوود الكبار لضمان العائد المادي.

ومع مرور الوقت، أصبحت السينما الهندية أكثر ميلاً نحو جمع الثروة، وتغلغل الفكر التجاري في كل تفاصيلها، حتى صار رأس المال هو العنصر الحاكم.هذا التوجه التجاري المفرط، بحسب المراقبين، لا يمكن أن يؤدي إلى إنتاج أفلام فنية ذات نصوص قوية ومتماسكة. فالعلاقة بين هذه الصناعة والكتّاب ضعيفة جداً، والكتاب يجدون صعوبة في جذب انتباه المنتجين. واليوم، لم تعد جودة الأفلام هي المعيار، بل أصبحت أجور النجوم وكيفية توظيفهم هي محور الاهتمام، وأصبح نجاح العمل مرهوناً بمدى شهرة من يشارك فيه من نجوم الصف الأول.