وبحسب ما أفاد به الموقع الإخباري لمتحف السينما في إيران، فقد أُقيمت هذه المراسم في قاعة سيفالله داد التابعة لمنظمة السينما، وبحضور مجموعة من رواد ونجوم فن الدبلجة. وفي كلمته الترحيبية، أعرب رائد فريدزاده عن تقديره لجهود ميـنو غزنوي ومسيرتها الفنية الممتدة لعدة عقود في مجال الدبلجة، وقال: إنه لشرف كبير أن يُمنح وسام الفنون الرفيع لامرأة فاضلة مثل السيدة غزنوي.

وأشار فريدزاده إلى خصائص فناني الدبلجة قائلاً: مع احترامنا لكافة الفنون ضمن الصناعة البصرية، فإن فن الدبلجة يتمتع بخصوصية وشرف ذاتي، ومن يدخل هذا المجال يمتلك انتماءً عميقًا لفن هو في جزء منه موهبة إلهية، يحتاج الحفاظ عليها إلى الاستمرار والمثابرة والاحتراف. ولحسن الحظ، فإن الرواد الحاضرين اليوم يمثلون قدوات أثبتت كيف يمكن للإنسان أن يصون الموهبة التي مُنحت له بأفضل صورة.

الدبلجة… تراث ثقافي قيّم
من جانبها، قالت شهرزاد راستاني، المدير العام لإدارة الإشراف على المهن والمراكز والاتحادات الفنية في منظمة السينما، إن صوت ميـنو غزنوي أصبح جزءًا من ذاكرة الناس اليوم. وأضافت: لقد اجتمعنا اليوم لتكريم سيدة أسهمت، من خلال سنوات من العمل المتواصل والحس الفني وبمرافقة كبار فن الدبلجة، في أن تُعرف الدبلجة في بلادنا ليس كمهنة فحسب، بل كتراث ثقافي ثمين.
وتوجّهت راستاني إلى غزنوي بالقول: بين مديري السينما، ورواد الدبلجة، وفناني هذا المجال، نقول لكِ إن اسمك، قبل أن يُسجَّل في تاريخ الدبلجة، قد سُجِّل في قلوبنا جميعًا.

وفي السياق نفسه، أعرب فرشيد شكيبا، مدير وحدة الدبلجة في هيئة الإذاعة والتلفزيون، عن شكره لرائد فريدزاده، رئيس منظمة السينما، لاهتمامه بإقامة مثل هذه المراسم، وقال: منذ تولّيكم مسؤولياتكم في منظمة السينما شهدنا اهتمامًا خاصًا بفن الدبلجة، واجتماعنا اليوم هنا إنما هو ثمرة دعمكم لهذا الفن وللفنانين العاملين فيه.
وأضاف شكيبا موضحًا أن صوت مينو غزنوي يروي بصوت المحبة: نحن نعرف صوتها بصفته معيارًا للّطف. فكل الأدوار التي أدّتها، سواء في الأفلام الأجنبية أو الإيرانية، شكّلت لنا ذكريات جميلة. وعندما نشاهد عملًا مدبلجًا بصوتها داخل الأسرة، يبرز صوتها كصوت فريد واستثنائي.
وأشار إلى أن غزنوي كانت دائمًا تولي اهتمامًا خاصًا للوافدين الجدد إلى هذا المجال، وقال: الاهتمام بالفنانين قليلي العمل أو أولئك الذين يسعون لاكتساب الخبرة، هو من سمات الرواد. والسيدة غزنوي من أبرز المتقدمين في هذا الجانب؛ فهي تدعم من يحتاجون إلى مزيد من الاهتمام في هذه المهنة.

صوت نقي كخيوط الحرير
من جانبه، قال همايون أسعديان، المدير التنفيذي لبيت السينما، مسترجعًا ذكريات أول لقاء له مع فناني الدبلجة: كنتُ أعمل في مركز الإبداع الفكري للأطفال والناشئين، وكانت هناك زميلة تُدعى فريبا شاهينمقدم أخذتني إلى أحد استوديوهات الدبلجة—أعتقد أنه كان خلف سينما دياموند سابقًا. هناك سمعتُ أصواتًا كانت بالنسبة لي سحرية تمامًا؛ أصواتًا كنت أراها على الشاشة والآن أرى أصحابها مباشرة. لن أنسى أبدًا أجواء ذلك اليوم.
وأضاف أنه رأى مينو غزنوي لأول مرة في ذلك الاستوديو، وقال: لم أتخيل يومًا أنني سأحظى بشرف لقائها. في تلك السن، يتساءل المرء: هل يمكن أن ألتقي أصحاب تلك الأصوات يومًا؟ واليوم تحقق ذلك، وأود أن أشكركم هنا على كل جهودكم في مجال الدبلجة.

كما تحدث حميدرضا آشتیانيبور، رئيس جمعية المعلقين والمشرفين على الحوار السينمائي، مشيرًا إلى مميزات صوت غزنوي، وقال: صوتها يشبه حريرًا شفافًا يخفف حدّة الضوء عندما يُرفع الحاجز بين صانع الفيلم والمشاهد، ليمنح إحساسًا ناعمًا وجميلًا. وهذه ميزة خاصة لا يمتلكها إلا قلة من الأصوات في فن الدبلجة.
وأضاف: بعض الأصوات تمتلك الخصائص لكنها بلا نكهة، أما صوت السيدة غزنوي فهو كزهرة الورد؛ إن أغمضتم أعينكم تشعرون بحلاوتها من دون أن تتذوقوها، وهذا انعكاس لروحها.

الهنود كانوا يفضلون أن تؤدي غزنوي أصوات أبطال أفلامهم
قال جواد بزشكيان، أحد رواد فن الدبلجة، خلال هذه المراسم إنه يعمل في هذا المجال منذ نحو خمسين عامًا، مشيرًا إلى المسيرة الطويلة لمينو غزنوي، وأضاف: لقد عرفتها منذ طفولتي وكنت أستمع إلى صوتها منذ ذلك الوقت. حين كانت تؤدي أدوار الأطفال، كانت تقدمها بإتقان كبير، ولاحقًا، عندما أدّت شخصيات أكبر سنًا، حافظت أيضًا على مستوى رفيع من الأداء.
وتابع بزشكيان: عندما تقف مينو غزنوي خلف الميكروفون يلمع صوتها كالجوهرة. أذكر عندما كان بعض الهنود يستوردون أفلامًا إلى إيران، كانوا يفضلون أن تؤدي مينو غزنوي صوت الشخصيات البطولية في أفلامهم.

كما أعربت زهرة شكوفنده، وهي من رواد الدبلجة، عن سعادتها بإقامة مثل هذه المراسم، وقالت: يسعدني أن يُمنح وسام الدرجة الأولى في الفنون لمينو غزنوي. نحن مثل الأخوات. دخلنا هذا المجال في فترة كان الاعتقاد السائد فيها أن الطفل يجب أن يؤدي صوت الطفل، وآمل أن يُحافَظ على هذا النهج دائمًا.
وفي رسالة صوتية، أكدت ناهيد أميريان، وهي من المخضرمات في هذا الفن، دور غزنوي في الارتقاء بالدبلجة قائلة: اليوم نحتفي بإحدى أثمن صديقات طفولتي في وحدة الدبلجة وجمعية المعلقين. مينو غزنوي من ألطف وأعذب الأصوات وأهم الفنانات في هذا المجال. أفخر بأنني زميلتها، وأتمنى أن يبقى عطاؤها سندًا للدبلجة في إيران لسنوات طويلة.

لم يكن أحد يظن أن الأفلام مدبلجة
وقال عباس مطمئنزاده، من أبرز فناني الدبلجة، إن غزنوي دخلت هذا المجال منذ أن كانت في الثامنة من عمرها، مضيفًا: كانت تؤدي أصوات الأطفال، ولأن قامتها لم تكن تصل إلى الميكروفون، كانوا يضعون تحت قدميها علب أفلام ليرتفع صوتها.
وأوضح أن دبلجة الأطفال آنذاك كانت تتميز بطبيعتها وصدقها: كان من الضروري أن يؤدي الطفل صوت الطفل، لأن عفوية كلام الطفل تؤثر أكثر مما لو حاول بالغ تقليد صوت طفل، ولهذا بقيت تلك الأصوات وتلك الأعمال خالدة في الذاكرة. كانت الدبلجة آنذاك طبيعية إلى حد أن البعض كان يظن أن الممثل نفسه هو الذي يتحدث، ولم يخطر ببالهم أن الفيلم مدبلج.

كما قال همّت موميوند، أحد فناني الدبلجة: أحمد الله أنني حظيت بفرصة دخول هذا المجال في وقت مكّنني من التعلم والنمو إلى جانب قامات فنية مثل السيدة مينو غزنوي.

وقال داود نماينده في كلمته خلال المراسم إن الله يمنح عناية خاصة لمن يهبهم موهبة فنية، مضيفًا: كل ما تعلمته في مجال الإلقاء والدبلجة يعود إلى أساتذة كبار مثل مينو غزنوي وزهرة شكوفنده.

وأشار فرهاد شريفي، أحد فناني الدبلجة، إلى الدور التعليمي للرواد، وقال: ما زلت حتى اليوم أشعر بالكثير من الرهبة عندما أجلس إلى جانب أحد المخضرمين في هذا الفن. ومن بين الذين تعلمت منهم كثيرًا مينو غزنوي وزهرة شكوفنده.

كما دعت نرجس فولادوند، إحدى فنانات الدبلجة، إلى استمرار تنظيم مثل هذه المراسم، وقالت: قبل أن أدرك مدى شغفي بهذه المهنة ورغبتي في أن أصبح مدبلجة، كنت أتابع الأفلام التي تُعرض على التلفزيون مع شقيقتي. وكلما سمعنا صوت مينو غزنوي على شخصية ما، كنا نعلم أنها البطلة الأساسية، فنستمر في متابعة الفيلم حتى النهاية. لقد كنا ننجذب إلى الفيلم وقصته عبر صوت السيدة غزنوي.

وفي كلمتها، شكرت مينو غزنوي القائمين على المراسم، وقالت: آمل أن تستمر مثل هذه الفعاليات، وأن يُكرّم رواد جميع الفنون قبل أن يصبحوا نجومًا ويغادروا إلى السماء.

وفي ختام المراسم، مُنحت مينو غزنوي شهادة الدرجة الأولى في الفنون تقديرًا لسنوات طويلة من عطائها في دبلجة الأعمال السينمائية والتلفزيونية.

وتحدث كامران ملكي، الفنان السينمائي والتلفزيوني الذي تولى تقديم الحفل، عن صعوبة مهنة الدبلجة، وقال: في أوائل الثمانينيات عرّفني الراحل مهين بزركي وخسرو شايكان وحسين عرفاني على الراحل منوشهر إسماعيلي. ذهبت إلى استوديو رسالت حيث كان الأستاذ محمود قنبري يديره، وأعطوني ورقة كُتب عليها «همهمة». انتظرتُ دوري لأدخل الاستوديو وأقول كلمة «همهمة»، ثم أدركت لاحقًا أن لهذه الكلمة قصة أخرى وليست حوارًا أصلاً. ومع كل الدعم الذي تلقيته، أدركت أن الدبلجة ليست مجالي، فهي فن صعب ولا يقدر عليه الكثيرون.

وأضاف ملكي مشيدًا برئيس منظمة السينما: لا أذكر أن الدبلجة وفنانيها حظوا باهتمام كهذا في أي دورة سابقة. إذ تم إحياء ذكرى تأسيس جمعية المعلقين ومنح وسام الدرجة الأولى في حفل رسمي واحد. وأشكر السيد فريدزاده على دعمه الكامل لهذا الفن المظلوم.
وقبل بدء المراسم، عُرض فيلم «بازمانده» للمخرج سيفالله داد، وهو أحد الأعمال البارزة التي أدت فيها مينو غزنوي دورًا صوتيًا، بعد ترميمه في مركز الفيلم الوطني الإيراني. وخلال الحفل، عُرض أيضًا مقطع مصوّر يوثق مسيرة هذه الفنانة.

وشهدت المراسم حضور عدد من فناني ومديري مجال الدبلجة، إضافة إلى محمدرضا فرجي، فاطمة محمدي سيجاني، سيد حجت طباطبائي، ومسعود نجفي من مسؤولي منظمة السينما، وكذلك عليرضا حسيني، أمين هيئة رئاسة بيت السينما.