وصرّح روحالله حسيني، أمين المهرجان، في كلمته خلال الافتتاح قائلاً:"السينما الشاعرية ليست موضة عابرة أو ترفاً بصرياً، وليست متعة عاطفية مؤقتة أو لعباً بالألفاظ، بل هي خيار جوهري لفهم العالم وقراءته؛ إنها مقاومة أمام الضجيج وسرعة الاستهلاك والمظاهر، ودعوة للعودة إلى الطبيعة والحسّ والإنسانية."

وأضاف: "السينما الشاعرية طريقة حياة وليست نظرة سطحية. هي تأمل عميق في روح الوجود، وهي المفهوم الذي يتجلى بوضوح هنا في شيراز، المدينة التي علمتنا عبر قرون من التاريخ ومع رموزها الكبرى حافظ، سعدي، ملا صدرا، وشاهجراغ كيف لا نكتفي برؤية العالم بل أن نقف عنده ونفكر فيه.
"وأوضح حسيني أن المهرجان سيعرض أكثر من 50 فيلماً من قارات وثقافات وأعراق مختلفة، وأن هذه الأعمال لا تهدف لخلق حدث خارق، بل لتشكيل عالم إنساني وتجربة وجدانية:"السكوت أحياناً قد يعادل أهمية الحوار، وحركة كاميرا بسيطة قد تصنع معنى عميقاً كبيت شعر يخلّد مرور الزمن."
وأكد أن المهرجان يسعى لإبراز أفلام ذات تأثير إنساني طويل الأمد، حتى لو لم تعتمد على تقنيات معقدة أو مؤثرات بصرية ضخمة، موضحاً أن هذه رؤية ممتدة لما يجب أن يكون عليه دور السينما.
وتابع: "نريد أن يكون مهرجان فجر ملتقى لصانعي الأفلام الذين يذكروننا بقيم بسيطة ولكن منسية، أولئك الذين يخاطبون القلب قبل العين، ويجعلوننا نتذكر أن النظر ببطء والتفكير بعمق لا يزال ممكناً."وأشار حسيني إلى حاجة العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى روايات صادقة وشاعرية وبشرية، قائلاً:"العالم المتعب من العنف والسرعة يحتاج إلى صور هادئة وأصوات ناعمة وسرد نقي. نحن جميعاً بحاجة لنتعلم من جديد: كيف نرى، كيف نفكر، كيف نعيش."
وأوضح أن المهرجان ليس مجرد احتفال سينمائي، بل هو أيضاً احتفاء بالشعر ودعوة لرؤية العالم بعيونٍ جديدة، مستشهداً بقول الشاعر الإيراني الكبير سهراب سپهري:"الحياة صفير قطار ينحني فوق جسر في المنام،هي رؤية حديقة صغيرة من نافذة مغلقة لطائرة،هي خبر إطلاق صاروخ إلى الفضاء، ولمس وحدة القمر،هي التفكير في شمّ زهرة على كوكبٍ آخر،هي غسل طبق بسيط."وخلال الحفل، قرأ حسيني رسالة محمدرضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية، الذي قال فيها:"شيراز، بوابة الثقافة والفن الإيراني، تستضيف اليوم مبدعين يحملون روايات الجمال والحقيقة من أنحاء العالم. في عالم مليء بأصوات الفرقة والحروب، يمكن للفن أن يكون جسراً للفهم والتعاطف.
ونؤمن أن إيران، بتاريخها الحضاري وقدراتها المعاصرة، قادرة على لعب دورٍ مؤثر في هذا الحوار الإنساني."وفي ختام كلمته، دعا حسيني الحضور لمشاهدة فيلم «تحت أشجار الزيتون» للمخرج الراحل عباس كيارستمي، واصفاً إياه بأنه "واحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما العالمية، فيلم يجمع بين الشعر والسينما في آنٍ واحد.